اخر الاخبار

البلاد في مفترق طرق، عقار ومناوي التائهان في دروب السلطة ((3))

0


انغام الحرية

بقلم : الصادق علي حسن

تجربة الحركات المسلحة ماهية النتائج :
حتى تؤسس الأجيال المتعاقبة من أجيال الثورة الحالية والأجيال القادمة لمستقبل أفضل لها وللبلاد، لا بد لها من تقييم تجاربها ودراسة تجارب غيرها من التنظيمات والكيانات العامة الأخرى التي تعمل في الأنشطة العامة وخدمة المجتمع وأجهزة إدارة الدولة، وتمارس عليها الرقابة من أحزاب سياسية وحركات مسلحة ومنظمات مجتمع مدني وعلي رأسها قوى الحرية والتغيير الإطاري والكتلة الديمقراطية والقوى المدنية وتجمع المهنيين، كما ويجب ان يعرف المواطن العادي بانه يمتلك سلطة الرقابة على كل أجهزة الدولة والكيانات والأجسام العامة كما ومن حقه محاسبتها بوسائل متعددة منها التصويت الإنتخابي وفي ممارسة مهامها العامة ، مثلا في كل التشريعات والأنظمة الدستورية التي مرت على البلاد ، كفل المُشرع السوداني للجمهور حق علنية الجلسات وحضور المحاكمات ليُمارس المواطن الرقابة علي القضاة ومدى سلامة الأحكام التي يصدرونها ومن خلال ممارسة الرقابة على القضاء والقضاة، يعلم المواطن العادي بالقاضي العادل والفاسد وبوجوده داخل المحكمة وهو يراقب سلوك القاضي من داخل قاعة المحكمة، قد يكون ذلك رادعا له من أرتكاب الأخطاء والتلاعب بالقانون والعدالة .
الأوضاع الإستثنائية :
أوضاع الحروب هي أوضاع أستثنائية كما والكيانات والأجسام التي تتكون من أجل دفع الظلامات من خلال الكفاح المسلح هي اب
أيضا مؤقتة وبعد نهاية الحرب يفترض ان تتحول أجسام الكفاح المسلح إلى أجسام مدنية تمارس الأنشطة والأعمال المدنية العامة أو الخاصة أو الأعمال النظامية المقننة، وعقب نهاية الحرب العبثية الحالية تلقائيا سيرتفع صوت المواطن العادي بصورة غير معهودة فيه ، كما ستتراجع سطوة أجهزة الدولة الرسمية وتضعف احترامها، كما ولن يكون المواطن العادي قادرا على الوفاء بالتزاماته العامة تجاه الدولة من ضرائب وزكاة ورسوم بل قد تحتاج أجهزة الدولة لشهور وسنوات لإسترداد دولاب العمل الرسمي مثل مرافق السجون بولاية الخرطوم والقضاء والطيران المدني وقد تعم الفوضى انحاء البلاد بمقدار عدم القدرة في استعادة النظام في الدولة ،كما تلقائيا ستكون حركة المواطن هي الأساس في كل شئ وستتراجع سطوة الدولة العسكرية التي فشلت في حماية الدولة والمواطنين، كما وبإنتهاء طموحات المؤتمر الوطني وإنتهاء طموحات آل دقلو والدعم السريع وتقلص دور الحركات المسلحة ستتراجع ثقافة إتخاذ البندقية وسيلة للوصول إلى السلطة بصورة عامة كما وستبدأ المجتمعات المحلية في مشروعات قاعدية تنتجها بنفسها مهما طالت المدة ، كذلك اجيال شباب المقاومة ستكون في طليعة القوى المدنية التي تحدد مستقبل البلاد ، ولن يكون هنالك أي أوصياء عليها من النخب وهذه من محاسن الحرب لذلك بالضرورة مساعدة الشباب بالتثقيف وتعلية المعارف حتى تتمكن أجيال المستقبل من تقوية مؤسساتها وتعزيزها بكفالة أحترام التنوع والتعدد السمة المميزة للمجتمع السوداني ومشروع التأسيس الدستوري السليم للدولة السودانية.
تجربة الحركات المسلحة :
تحتاج الحركات المسلحة للإستفادة من دروس تجاربها الماضية منذ تأسيسها ، الحركات المسلحة في دارفور كانت عبارة عن مشروع ثورة عامة ولكن بعض قياداتها أستعجلت الوصول إلى السلطة بأقرب السبل فشهدت الإنقسامات المتتالية، والآن توجد عشرات الحركات بمسميات تحرير السودان والعدل والمساواة ، لقد كان يمكن لهذه الحركات لو لم تكن مستعجلة في الوصول إلى السلطة المساهمة بصورة مؤثرة في احداث التحول الديمقراطي بالبلاد ولكن غالبيتها صارت متأثرة بالتكوينات الإجتماعية كما وتغلب عليها الأسرية والعشائرية وقيودها المكبلة وصارت أقرب لتكوينات الأوضاع الإستثنائية وظروفها المؤقتة وفي إستمرارها ووجودها بهكذا صورة اضرارا حتى بها في حد ذاتها لعدم قدرتها على انتاج الحلول وبتفريغ المجموعات المتحالفة ضدها وبالتالي توسع نطاق السخط عليها بالقرى ومدن وأرياف ولايات دارفور وفي خارجها ، كما والحركات المسلحة وحتى لحظة اندلاع الحرب العبثية ليست لديها مساهمات فعلية سوى بالمزيد من التشبث بمظاهر السلطة الشكلية وتبديد الأموال فيما لا طائلة من ورائها .
صكوك الحركات المسلحة :
لا يزال هنالك من منسوبي الحركات المسلحة من يخلعون على انفسهم حق امتلاك الشعارات المرفوعة بالمطالب العادلة لدارفور، ويرفضون اي رأي آخر بخلاف رأيهم سواء في القضايا المركزية أو بإقليم دارفور وولاياته الخمس ، ولا يزال هؤلاء حتى الآن في ذات المريع القديم، وعندما اندلعت المقاومة المسلحة في دارفور قبل عقدين من الزمن كانت الأوضاع وقتذاك أفضل بكثير من اليوم بالمركز والولايات ، لقد إيدت غالبية من ابناء دارفور المطالب المرفوعة بواسطة الحركات المسلحة وأنتظمت في حالة نفير جماعي كما وفي ظل ذلك النفير الجماعي تكونت غرف طوعية علت الصوت المدني الداعم للحركات المسلحة المناهضة للسلطة ومن أهم الأجسام التي تكونت في عام 2005 الجبهة الشعبية المتحدة UPF من طلاب وخريجي دارفور بالجامعات والمعاهد العليا وقامت هذه الجبهة بادوار كبيرة في تعزيز مشروعية مطالب الحركات المسلحة كما وسبق الطلاب محامو دارفور وآخرين حتى من خارج دارفور ولكن ظلت بعض قيادة الحركات المسلحة تستثمر في أي سانحة وتلتمس المشاركة في السلطة ثم ومن بعد وصولها إلى السلطة تغفل مشروعات تنمية الإقليم وتحصر أمرها في ترضيات منح الوظائف العامة للأقربين والأقرب فالأقرب، وصارت المحسوبية والتسلط سمة وعنوانا لسلوكها ،ولا تدرك غالبيتها بان ما وصلت إليها كان نتاجا لتضافر عدة جهود شعبية ومدنية داخلية وخارجية عززت دور الكفاح المسلح في دارفور وولايات السودان الأخرى وأمدت المؤسسات الدولية والمنابر بالتقارير والمعلومات الوافية .
بادرة عبد الواحد نور (مستر نو).
يمتلك الأستاذ عبد الواحد نور رمزية إطلاق صافرة الكفاح المسلح في دارفور ، كما لم يظهر طمعا في السلطة ورفض الإغراءات وعلى الرغم من إختلاف وسائل التعبير والرأي، يُحمد للأستاذ عبد الواحد محمد نور المؤسس لحركة تحرير السودان مواقفه الثابتة ، قبل شهور مضت وفي مكالمة تلقيتها من الأستاذ محمد عبد الرحمن الناير الناطق الرسمي للحركة بقيادة الأستاذ عبد الواحد وكانا معا ومعهما مدعي عام حكومة جنوب السودان وهو اخا عزيزا ومن جهابذة علماء القانون بجنوب السودان، نقل لي ثلاثتهم تثمينا عاليا للجهود المدنية كما وتناولوا بالذكر جهود هيئة محامي دارفور وجدد الأستاذ عبد الواحد محمد نور تأكيده بان السبيل الوحيد لإيجاد الحلول لكل قضايا البلاد ينبع من خلال القواعد الجماهيرية وليس من خلال تفصيلات النخب وظل الأستاذ عبد الواحد متمسكا بقناعته بصورة أكثر وامتن من ذي قبل ، لذلك اكبرت في هذا الرجل هذه المواقف واستماتته من أجلها كذلك قناعته ورفقاء دربه ومنهم الناطق الرسمي بإسم الحركة التي يقودها بالمواقف الثابتة .
الكفاح مساهمة عامة :
لدى الإلمام الوافي بالحركات المسلحة والتي نشأت كنفير جماعي ، وفي النفير الجماعي عندما اعلنت عن نفسها سافرت إلى دولة تشاد بالبر بالتنسيق مع بعض قياداتها، ولم تكن هنالك معسكرات ثابتة للحركات المسلحة باستثناء معسكرات جبل مرة وفي انجمينا وجدت القيادات الميدانية في إحدى ضواحي مدينة انجمينا وكان الأستاذ آدم علي شوقار القيادي بحركة تحرير السودان الموحدة تحت قيادة عبد الواحد يتابع وصول القيادات الميدانية من مناطق متعددة بجهاز الثريا كما وتبين لي حتى ذلك الوقت بان القيادات الميدانية ما التقت من قبل ببعضها البعض فقط تعارفت في السابق بواسطة الإتصالات عبر أجهزة الثريا ،ثم في عام 2005 سافرت إلى اسمرا في رحلة طويلة عبر مدينة صنعاء بعد ان تلقيت إتصالا بوصول تأشيرة لي من قيادات الحركة بسفارة ارتريا بالخرطوم ولم تمنعن الملاحقات الأمنية من السفر، وكنت قد أخذت العلم من الأستاذ إسماعيل عمر إدريس المحامي الذي وصل اسمرا قبلي بانه ظل في إنتظار احد الشباب الخريجين والذي تخلف فجأة (الهادي إدريس)، ومن بعد العودة من اسمرا سافرنا مع مولانا الدومة إلى ابوجا بعد ان سلمنا السفارة النيجيرية بالخرطوم مذكرة حول الأوضاع والإنتهاكات التي مارسها نظام البشير ضد المدنيين وكان قد استلمها سفير نيجيريا بالخرطوم وارسلها إلى الوسيط اوباسنجو رئيس نيجيريا ورئيس الإتحاد الأفريقي وراعي مفاوضات ابوجا ، وبوصولها أطلق عليها الوسيط الرئيس النيجيري ابوسانجو مذكرة اصحاب المصلحة ، كما وهنالك ما هو متعلقا بالمحكمة الجنائية الدولية، هذه من تجارب عديدة أخرى عززت لدي الإعتقاد مؤخرا بان من الأفضل والبلاد في إتجاه مسار الفوضى الشاملة وقبل فوات الأوان وقد فقدت غالبية الحركات المسلحة البوصلة، الرجوع إلى الشارع وحده لتحديد خياراته وانهاء حالات الوصاية القائمة سوى كانت من جانب القوى الحزبية أو تحت غطاء منظمات المجتمع المدني أو الحركات المسلحة ، فذلك هو الخيار الوحيد المتبقي أو الطوفان القادم ، هذا المكان والموقف لم يبرحه الأستاذ عبد الواحد نور اصلا مما قد يجعله الأكثر تأهيلا من غيره من قيادات التنظيمات والحركات المسلحة الأخرى للمساهمة بدور أكثر فاعلية بخاصة إذا تلاقى دوره مع لجان المقاومة والشارع .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.